الصفحة الرئيسية
>
قــصـــة
سفير الإسلام على أرض الحبشة
عن أم سلمة قالت: لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي آمنا على ديننا وعبدنا الله لا نؤذى ولا نسمع شيئاً نكرهه فلما بعثت قريش عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص بهداياهم إلى النجاشي وإلى بطارقته أرسل إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم فلما جاءهم رسوله اجتمعوا ثم قال بعضهم لبعض: ما تقولون للرجل إذا جئتموه. قالوا: نقول والله ما علمنا وما أمرنا به نبينا كائنا في ذلك ما هو كائن فلما جاؤه وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله. ثم سألهم فقال لهم: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم. ولم تدخلوا به في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم قال: فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب فقال له: أيها الملك كنا قوماً أهل الجاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيئ الجوار ويأكل القوي منا الضعيف. وكنا على ذلك حتى بعث الله تعالى إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله تعالى لنوحده ونعبده. ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئاً وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام _قال: فعدد عليه أمور الإسلام_ فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من الله عز وجل فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئاً وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل لنا فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله عز وجل وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك فاخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك. فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله من شئ. فقال له جعفر: نعم. فقال له: اقرأ علي فقرأ عليه صدراً من "كهيعص" فبكى النجاشي والله حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلي عليهم.
ثم قال النجاشي: إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة انطلقا. فوالله لا أسلمهم إليكما ولا أكاد ثم قال: اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي _والسيوم: الآمنون_ من مسكم غرم، من مسكم غرم، من مسكم غرم، ما أحب أن لي دبر ذهب وأني آذيت رجلاً منكم _والدبر بلسان الحبشة: الجبل_ ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لي بها فوا لله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد على ملكي فآخذ الرشوة فيه وما أطاع الناس فأطيعهم فيه. فخرجا من عنده مقبوحين مردوداً عليهما ما جاءا به. وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار.
المزيد |